کد مطلب:109880 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:145

خطبه 162-در توحید الهی











ومن خطبة له علیه السلام

الخالق جلّ وعلا

الْحَمْدُ لله خَالِقِ الْعِبَادِ، وَسَاطِحِ الْمِهَادِ، وَمُسِیلِ الْوِهَادِ، وَمُخْصِبِ النِّجَادِ، لَیْسَ لِأَوَّلِیَّتِهِ ابْتِدَاءٌ، وَلاَ لِأَزَلِیَّتِهِ انْقِضَاءٌ، هُوَ الْأَوَّلُ لَمْ یَزَلْ، وَالْبَاقی بِلا أَجَلٍ. خَرَّتْ لَهُ الْجِبَاهُ، وَوَحَّدَتْهُ الشِّفَاهُ، حَدَّ الْأَشْیَاءَ عِنْدَ خَلْقِهِ لَهَا إبَانَةً لَهُ مِنْ شَبَهِهَا، لاَ تُقَدِّرُهُ الْأَوْهامُ بِالْحُدُودِ وَالحَرَكَاتِ، وَلاَ بِالْجَوَارِحِ وَالْأَدَوَاتِ، لاَ یُقَالُ لَهُ:«مَتَی؟» وَلاَ یُضْرَبُ لَهُ أَمَدٌ «بِحَتَّی»، الظَّاهِرُ لاَ یُقالُ: «مِمَّ؟» وَالْبَاطِنُ لاَ یُقَالُ: «فِیمَ؟»، لاَ شَبَحٌ فَیُتَقَصَّی، وَلاَ مَحْجُوبٌ فَیُحْوَی، لَمْ یَقْرُبْ مِنَ الْأَشْیَاءِ بِالْتِصَاقٍ، وَلَمْ یَبْعُدْ عَنْهَا بِافْتِرَاقٍ، وَلاَ یَخْفَی عَلَیْهِ مِنْ عِبَادِهِ شُخُوصُ لَحْظَةٍ، وَلاَ كُرُورُ لَفْظَةٍ، وَلاَ ازْدِلاَفُ رَبْوَةٍ، وَلاَ انْبِسَاطُ خُطْوَةٍ فِی لَیْل دَاجٍ، وَلاَ غَسَق سَاجٍ، یَتَفَیَّأُ عَلَیْهِ الْقَمَرُ الْمُنِیرُ، وَتَعْقُبُهُ الشَّمْسُ ذَاتُ النُّورِ فِی الْأُفُولِ وَالْكُرُورِ، وَتَقْلِیبِ الْأَزْمِنَةِ وَالدُّهُورِ، مِنْ إِقْبَالِ لَیْلٍ مُقْبِلٍ، وَإِدْبَارِ نَهَارٍ مُدْبِرٍ، قَبْلَ كُلِّ غَایَةٍ وَمُدَّةٍ، وَكُلِّ إِحْصَاءٍ وَعِدَةٍ، تَعَالَی عَمَّا یَنْحَلُهُ الُْمحَدِّدُونَ مِنْ صِفَاتِ الْأَقْدَارِ، وَنِهَایَاتِ الْأَقْطَارِ، وَتَأَثُّلِ الْمَسَاكِنِ، وَتَمَكُّنِ الْأَمَاكِنِ; فَالْحَدُّ لِخَلْقِهِ مَضْرُوبٌ، وَإِلَی غَیْرهِ مَنْسُوبٌ.

ابتداع المخلوقین

لَمْ یَخْلُقِ الْأَشْیَاءَ مِنْ أُصُولٍ أَزَلِیَّةٍ، وَلاَ مِنْ أَوَائِلَ أَبَدِیَّةٍ، بَلْ خَلَقَ مَا خَلَقَ فَأَقَامَ حَدَّهُ، وَصَوَّرَ مَا صَوَّرَ فَأَحْسَنَ صُورَتَهُ، لَیْسَ لِشَیْءٍ مِنْهُ امْتِنَاعٌ، وَلاَ لَهُ بِطَاعَةِ شَیْءٍ انْتِفَاعٌ، عِلْمُهُ بِالْأَمْوَاتِ الْمَاضِینَ كَعِلْمِهِ بِالْأَحْیَاءِ الْبَاقِینَ، وَعِلْمُهُ بِمَا فِی السماوَاتِ الْعُلَی كَعِلْمِهِ بِمَا فِی الْأَرَضِینَ السُّفْلَی. منها: أَیُّهَا الْمَخْلُوقُ السَّوِیّ، وَالْمُنْشَأُ الْمَرْعِیُّ، فِی ظُلُمَاتِ الْأَرْحَامِ، وَمُضَاعَفَاتِ الْأَسْتَارِ، بُدِئْتَ (مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِینٍ)، وَوُضِعْتَ (فِی قَرَارٍ مَكِینٍ * إِلَی قَدَرٍ مَعْلُومٍ) وَأَجَلٍ مَقْسُومٍ، تَمُورُ فِی بَطْنِ أُمِّكَ جَنِیناً لاَ تُحِیرُ دُعَاءً، وَلاَ تَسْمَعُ نِدَاءً، ثُمَّ أُخْرِجْتَ مِنْ مَقَرِّكَ إِلَی دَارٍ لَمْ تَشْهَدْهَا، وَلَمْ تَعْرِفْ سُبُلَ مَنَافِعِهَا; فَمَنْ هَدَاكَ لِإِجْتِرَارِ الْغِذَاءِ مِنْ ثَدْیِ أُمِّكَ, وَعَرَّفَكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَوَاضِعَ طَلَبِكَ وَإِرَادَتِكَ! هَیْهَاتَ، إِنَّ مَنْ یَعْجِزُ عَنْ صِفَاتِ ذِی الْهَیْئَةِ وَالْأَدَوَاتِ فَهُوَ عَنْ صِفَاتِ خَالِقِهِ أَعْجَزُ، وَمِنْ تَنَاوُلِهِ بِحُدُودِ الَْمخْلُوقِینَ أَبْعَدُ!